أعتذر "لأحبائي
لأني بكيت في وقت فرحهم..
و ضحكت في وقت ألمهم..
و أطلقت صرخاتي في لحظة هدوئهم..
و صمت في لحظة مشاركاتهم..
و بقيت في لحظة رحيلهم.
و رحلت في لحظة اجتماعاتهم و لقاءاتهم..
و اعتذرت لهم في وقت حاجتهم ..
و بدون سبب تركتهم..
أعتذر "لقلبي
لأني أتعبته كثيرا في لحظات حبي..
و جرعته ألما في لحظة حزني..
و نزعته من قلبي وبدون تردد لأهبه لغيري..
أعتذر "لأوراقي
لأني كتبت بها و أحرقتها..
و رسمت الطبيعة عليها..
و بدون ألوان تركتها..
و في لحظة همومي و أحزاني لجأت إليها..
و في لحظة فرحي و راحتي أهملتها..
و عندما عزمت الاعتكاف عن الكتابة مزقتها و ودعتها إلى الأبد..
*أعتذر "للقلم
لأني في معاناتي أتعبته..
و لأني حملته الألم و لأحزان و هو في بداية عهده..
و عندما انتهى رميته..
و استعنت بأخر مثله..
أعتذر "لخواطري
لأني جعلتها تتسم بطابع الحزن و الألم ..
فلقد أصبح الكل يبحث عنها وعن معاني غموضها
في قواميس لا وجود في هذا الزمن لها ..
أعتذر "للواقع
لأني بكل قسوة رفضته..
و أغمضت عيناي عنه في كل لحظاتي المرة..
و شكلته بشبح أسود يتحداني بدون رحمة..
و نسيت بأنه هو مدرستي التي جعلتني أكون حكيما ً في المواقف الصعبة..
أعتذر "للأحلام
لأني أطرق على أبوابها في كل ساعة ..
و اجعلها تبحرني في كل مكان أريده..
فهي من حققت كل أمنياتي دون تردد..
و هي من أتعبتها معي حينما كبرت
و كبرت معي أحلامي..
ورغم ذلك كله ،
لا تتذمر وإنما تقول:" أطلبي وأنا على السمع والطاعة"
أعتذر "للأمل
حينما رحلت عنه و بدون استئذان..
و لازمت اليأس في محنتي .. و مكابرتي
رغم مرارتي وألمي أقول بأني أسعد إنسان..
فلقد كانت سعادتي الوهمية تكويني في صمتي..
و تعذبني في ليلي..
دون إحساس الآخرين بي..
فعذرا ً أيها الأمل ،
أعتذر "للسعادة
لأني عشقت الحزن ،
و حملته شطرا ً من حياتي..
و عشقت البكاء لأني أتنفس به عن ألمي..
و عشقت قول الآهات لأنها تطفئ حرقة أناملي..
و عشقت الجراح لأنها أصبحت قطعة أرقع بها ثغور ثيابي..
و عشقت الصمت في لحظة الألم لأنها تحفظ لي كبريائي..
فعذرا ً أيتها السعادة لأني أبعدتك عن حياتي..
أعتذر "للزهور"... وخاصة الحمراء
لأني قطفتها و هي في بداية بلوغها و تفتحها..
و حرمتها من العيش في بستانها..
ثم شممتها و لغيري أهديتها..
و بعدما لفظت أخر أنفاسها رميتها ودستها..
أعتذر "للبحر
لأني عشقته بجنون..
و طعنته في خواطري بالمليون..
و أضفت إليه الغدر في هدوئه..
و وصفته بأنه جميل و هو في قمة جنونه..
فلم تكن تلك الطقوس سوى أحاسيس مختلقة
و كان ضحيتها البحر لأني عشقته..
أعتذر" للقاء
لأني كتبت عن الرحيل و الوادع ..
و لأني جردته من قاموسي الملتاع..
و لأني أصبحت خاضعة للقدر
فأمنت بالرحيل كثيرا ً
و بكيت لأجله كثيرا ً..
و تناسيت كلمة الاجتماع واللقاء..
أعتذر "لأمي
لأنها تألمت عند ولادتي ..
و سهرت على نشأتي ورعايتي..
فتبكي على بكائي..
و تسعد عندما تسمع ضحكاتي..
و تسقم لسقمي.
و تتعافى بمعافاتي..
و صبرت و تحملت طيشي و إزعاجي
و تجاوزت عن أخطائي..
و تذكرت حسناتي ..
أعــــــــتذر
لأني لن أصبح بعد اليوم ليلاه..
و لن أصبح اليوم أملا سكنه و دنياه..
و لن أصبح اليوم أمه و أخته..
و لن أصبح صديقه و حافظ أسراره..
و لن امسح بعد اليوم دموعه..
و لن أبكي مع بكاءه..
و لن أتسامر مع أطيافه..
و لن أنتظر رسائله..
و أتتبع خواطره و أشعاره..
و لن أتفاخر بعشقه..
لأني أنهيت كل شي بعدما ضاع الأمل..
أعتذر "للحبيب
الذي امتدحني في أشعاره..
و شهر بي أمام أحبابه..
و وهبني قلبه و دموعه و كبريائه..
و جعلني مصدر ثقته العمياء..
و فضلني على كل أقوامه..
أعـــــــــتذر
للحياة حينما اتهمتها بالقسوة ..
و للطيور و البلابل حينما قلت عنها خرساء ..
و للجبال لأني أنسبه إلي..
و للدموع حينما جمدتها بالعين ..
و لصندوق الذكريات الذي أخرجته بعد دفنه..
أعتذر "لكلمة أعتذر
لأني أدخلتها في بحور شتي من الاعتذار ..
فشكرا ً و عذرا ً
و أدمعت عيناها عندما سمعت اعتذاراتي
فلقد عدت إليك بعدما رجعت لصوابي و رشدي