ameralsmte مشرف قسم الصور
عدد المساهمات : 328 نقاط : 534 تاريخ التسجيل : 14/10/2009 العمر : 38
| موضوع: ** الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل** الأربعاء نوفمبر 04, 2009 12:18 am | |
| الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في معنى التوكل: «التوكل محض الاعتماد والثقة والسكون إلى من له الأمر كله»([1]) وقال: «التوكل معنى يلتئم في أصلين، في الثقة والاعتماد، وهو حقيقة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾»([2]). قال العلامة ابن حجر رحمه الله تعالى: «إن الدنيا دار الأسباب، فالتمسك بالأسباب لا ينافي حقيقة التوكل». وهذا الكلام في غاية المتانة والتحقيق، فإن الله سبحانه وتعالى قد أجرى سنته في خلقه أن حصول الأشياء يكون باجتماع أسبابها وانتفاء موانعها، وجعل تحصيل الأسباب ومباشرتها أمراً فطرياً ضرورياً لا ينفك أحد عنه. ولذلك قال من قال من أهل العلم إن نفي الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل، ونفي الأسباب ونفي تأثيرها إنما هو قول أهل البدع من الجبرية، كالجهمية والأشعرية وغيرهم. وهذا معنى قول الشيخ إن الدنيا دار الأسباب، أي قائمة على اعتبار الأسباب، وأنه يحصل بها مسببها بأمر الله تعالى ومشيئته، وقد كانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم الأخذ بالأسباب، فلبس يوم أُحدٍ درعين([3])، واستأجر دليلاً يدله الطريق في يوم هجرته صلى الله عليه وسلم([4]). وهذا يدل أيضاً على أنه لا يمكن أن يكون الأخذ بالأسباب منافياً لحقيقة التوكل، كيف وقد صدر الأخذ بها من إمام المتوكلين وأفضل الخلق أجمعين، وأعلمهم بالله وأتقاهم له صلوات الله وسلامه عليه؟! وبيان ذلك أن الأخذ بالتوكل هو أخذ بأحد الأسباب، بل هو من أقوى الأسباب في حصول المُتَوَكَّل فيه، وإنما المحظور هو ركون القلب إلى الأسباب وثقته بها، فهذا هو الذي يناقض التوكل، أما مجرد تعاطيها كما أمر الله تعالى، مع الثقة به سبحانه وتعالى وتفويض الأمور إليه، فإنه لا ينافي التوكل أبداً. قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: «ومنه([5]) اشتباه خلع الأسباب بتعطيلها، فخلعها توحيد وتعطيلها إلحاد وزندقة، فخلعها عدم اعتمادِ القلب عليها، ووثوقِه وركونِه إليها مع قيامِه بها([6])، وتعطيلها إلغاؤها عن الجوارح»([7]). وخلاصة الكلام أن الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع وإنما التوكل المأمور به ما اجتمع فيه مقتضى التوحيد والعقل والشرع([8]). | |
|